تعال معي إلى طريق الجنة
الجنة شيء عظيم.
ومغنم كبير.
وسلعة غالية.
وهي روح وريحان.
ذكرها يريح القلب، وينشر في المكان عطرا.
ذكرت في القرآن كثيرا، وذكر معها طرائقها، وعدا يعد الله بها من أحسن عملا، يسلي الحزين، ويحط عن المهموم، ويرغب النافر، ويذكر الناسي:
* فأول طرائق الجنة وأعظمها: الإيمان بالله - تعالى -ورسوله، قال - سبحانه -: سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض، أعدت للذين آمنوا بالله ورسله.
- قال - عليه الصلاة والسلام -: (لا يدخل الجنة إلا المؤمنون) [رواه مسلم في الإيمان، باب: غلظ تحريم الغلول، وأنه لايدخل الجنة إلا المؤمنون 1/107].
فمن أراد الجنة: فليشهد الشهادتين، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم رمضان، ويحج البيت متى استطاع سبيلا، ويؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خير وشره، وأعلى ذلك كله شهادة أن لا إله إلا الله، قال - عليه الصلاة والسلام -: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله). رواه البخاري.
- وفي حديث عتبان: (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله). رواه البخاري.
* ومن طرائق الجنة: الجهاد في سبيل الله بالمال، والنفس. قال - تعالى -: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفرلكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومسكن طيبة في جنات عدن.
* والإحسان إلى الخلق، بالصدقة على الفقراء والمساكين، في الرخاء والشدة، وكظم الغيظ والعفو عن أذاهم، وحسن الحال مع الله - تعالى -، بذكره والاستغفار والتوبة بعد الذنب، من طرائق الجنة، قال - تعالى -: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين* الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين * والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين.
* وجل القلب ورقته إذا ذكر الله - تعالى -والتوكل عليه مع الصلاة والزكاة يدخل الجنة، قال - تعالى -: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم.
* قيام الليل والاستغفار بالأسحار من طرائق دخول الجنة، قال - تعالى -: إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون.
* ومما يدخل الجنة القسط والعدل والعفة، والرحمة بكل قريب ومسلم، قال - عليه الصلاة والسلام -: (أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال) رواه مسلم.
* والتواضع من طرائق دخول الجنة، قال: (ألا أخبركم بأهل الجنة، كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره). رواه البخاري.
- وقال: (أهل الجنة الضعفاء المغلوبون)، أحمد.
- وعند مسلم: (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير)، أي في ضعفها، ومعنى الحديث أن الكبر منتف من قلوبهم، واللين والرحمة والتواضع صفتهم، ليس فيهم الجبروت ولا الظلم، بل فيهم الخير والتسامح والمغفرة والعفو والصفح وحسن الظن.
* وثناء الناس بالخير كذلك من طرائق الجنة. قال - عليه السلام -: (أهل الجنة من ملأ أذنيه من ثناء الناس خيرا وهو يسمع) رواه ابن ماجة، وعند البخاري: (من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة)، فإن الناس لا يثنون على إنسان بالخير إلا وهو في الغالب كذلك، وقد ذكر ابن تيمية عن طائفة أن الشهادة لمعين بالجنة تجوز إذا انتشر الثناء عليه بالخير والإيمان، بشرط أن يموت على ذلك. [الفتاوى 11/518].
* ومن طرائق الجنة: إفشاء السلام. قال - عليه الصلاة والسلام -: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على عمل إذا فعلتموه تحاببتم؟، أفشوا السلام بينكم). [رواه مسلم] فإفشاء السلام يورث المحبة، والمحبة تورث الإيمان، والإيمان هو سبب دخول الجنة.
* ومن طرائق دخول الجنة: صدق الحديث. قال - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة) رواه أحمد.
* كذلك من الطرائق: كفالة اليتميم. قال - عليه الصلاة والسلام -: (أنا وكافل اليتيم له أو لغيره في الجنة) رواه أحمد.
* ومن الطرائق: البكاء من خشية الله تعال. قال - صلى الله عليه وسلم - وسلم: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله تعالى). رواه الضياء في المختارة.
* ومن طرائق دخول الجنة: الأذان ثنتي عشرة سنة. قال - عليه الصلاة والسلام -: (من أذن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة، وبإقامته ثلاثون حسنة). صحيح الجامع رقم 6002.
* وزيارة الرجل الرجل في الله وطاعة الزوج من الطرائق، قال - صلى الله عليه وسلم -: (ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة؟ النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والصديق في الجنة، والمولود في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر في الله في الجنة. ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود، العؤود، التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضا حتى ترضى)الدارقطني صحيح الجامع رقم 2604(العَئود: التي تعود على زوجها بالنفع) [فيض القدير3/106].
* ومما يدخل الجنة قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال - عليه الصلاة والسلام -: (ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله) رواه أحمد صحيح الجامع 2610.
* ومن ذلك ما جاء عن رسول الله أنه قال:
- (ألا أدلك على سيد الاستغفار؟ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأبوء لك بنعمتك علي، وأعترف بذنوبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، لا يقولها أحد حين يمسي، فيأتي عليه قدر قبل أن يصبح إلا وجبت له الجنة، ولا يقولها حين يصبح، فيأتي عليه قدر قبل أن يمسي إلا وجبت له الجنة) رواه الترمذي.
* وحفظ الفرج من الزنى واللواط يدخل الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة). البخاري.
* إن طرق البر الموصلة إلى الجنة كثيرة، تند عن الحصر، فكل أعمال البر موصلة إلى الجنة:
- (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره.) الزلزلة7
- (ما تفعلوا من خير يعلمه الله.)
- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يهلث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له).
- وفي رواية أن الذي فعلت ذلك: امرأة بغي من بغايا بني إسرائيل، رواه البخاري.
- قال - عليه الصلاة والسلام -: (رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين) رواه مسلم.
فالجنة أقرب إلى الإنسان من شراك نعله، لكنها حفت بالمكاره، والشياطين تصرف العباد عنها، وتلهيهم عن أجورها وفضلها، وتضلهم عن طريقها، مع أن طريقها سهل يسير، ليس فيه عوج ولا مشقة، بل على طاقة النفس: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها..
فالرحمة بأنفسنا، فوالله لا يدخل النار بعد ذلك إلا شقي.
منقول